الملمس في التصميم الغرافيكي



الملمس هو العنصر الذي يمتاز بأننا نحس به بحاستي اللمس والبصر، وتكمن أهمية هذا العنصر في استخدامه للتمييز بين أجزاء التصميم لإعطاء كل شيء طبيعته الخاصة، فالخشونة للسطح الخشن والنعومة للسطح الناعم، كما أن تنوع الملامس بين أجزاء التصميم يعمل على إعطاء التصميم حيوية أكثر ويبعده عن الإحساس بالملل.
وملمس السطح يظهر كنتيجة للتفاعل بين الضوء ومواصفات السطح من حيث النعومة، الخشونة، درجة الصقل. فنحن ننظر إلى القيم السطحية على أنها ملمس السطوح كما تحسه اليد، ولكن القيم السطحية هي أيضاً ملمس السطوح كما يحسها العقل لأن في العقل ميلاً لوصف السطوح المرئية على أنها خشنة أو ناعمة كما أن العقل يربط هذه الصفات المرئية بالحركة.
ويؤدي تنظيم تلك العناصر الشكلية بكيفيات مختلفة وبكثافات مختلفة إلى تغير الخصائص الضوئية للسطح من حالة إلى أخرى. والملمس في التصميم يعني الإحساس به عن طريق الرؤية البصرية، ومن ثم إحساس العقل بالقيم السطحية وتخيلها. ويطلق على هذه الظاهرة "المعادل البصري للإحساس الملمسي".
وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر في مجال الإدراك بالنسبة للملمس وهي:
1 ـ الضوء الساقط على الأسطح، شدته أو قوته ونوعه، مثل ضوء النهار أو الضوء الصناعي.
2 ـ الجهاز البصري للإنسان الذي يتلقى الإحساس بالملمس.
3 ـ تباينات طبيعة الأسطح نفسها.
وتصنف الملامس من حيث الدرجة إلى ملامس ناعمة، خشنة، نتظمة، غير منتظمة. أما من حيث النوع، فإنها تصنف إلى: ملامس حقيقية ملامس طبيعية، أو صناعية، وملامس إيهامية.
الملامس الحقيقية، هي الملامس التي نستطيع أن ندركها من حيث حاسة اللمس والبصر نتيجة تباين مظهرها السطحي. وتوجد الملامس الحقيقية في الطبيعة كالنبات والحيوان والجماد، كما يمكن أن تكون صناعية تتحقق باستخدام تقنيات مختلفة من حفر، بصمة، نقش.. الخ.
أما الملامس الإيهامية، فهي الملامس التي يمكن إدراكها بحاسة البصر دون أن نستطيع تميزه عن طريق اللمس ويعرف هذا النوع بالملمس ذو البعدين. وغالباً ما تكون الملامس الإيهامية تقليداً لملامس حقيقية مثل ملمس الحجر أو الرخام أو الخشب أو الجلد. ويمكن تحقيقها في الأعمال الفنية عن طريق التقنيات والمعالجات التشكيلية على السطح ذي البعدين عن طريق توظيف عناصر التصميم كالنقطة والخط واللون.
ويرتبط الملمس باللون بشكل مباشر ومثال على ذلك أن اللون نفسه يمكن أن يظهر بشكل مختلف عندما يكون رطباً، جافاً، ناعماً، خشناً، والغرض من وجود الملمس هو أن يعطي الاحساس المادي الحقيقي للخامات المستعملة.
ويحقق الملمس في الرسم من خلال تنوعه تناغماً تضاريسياً يحمل في ثناياه أبعاداً تعبيرية وسمات جمالية تعزز من جمالية الشكل الفني وتعاضده، وقد تنوعت التجارب الفنية في استثمار الخامات المختلفة في ملامسها بغية ايجاد طروحات فنية جديدة في تعاملها مع السطح في العمل الفني، يتحكم المصمم في حساب مساحتها وموقعها ولونها في الفضاء التصويري حسب ما تقتضيه مخيلته ورؤيته الفنية.
أما في التصميم فإن الملمس لا يتنوع إلاّ بحدود الدلالة الوظيفية، ويتشكل ضمن التكوين بصياغات عقلية خاضعة للمنطق العملي. كذلك يرتبط اللون بالملمس وبالخصائص البصرية للمادة، كما أن العتمة والشفافية أو نصف الشفافية في الملامس تختلف عن بعضها، فالزجاج الشفاف يختلف في ملمسه عن زجاج آخر نصف شفاف.
ونستطيع استلهام الملامس من الطبيعة، فالأمثلة كثيرة، فإننا نرى في المخلوقات والكائنات الحية ثروة من الأشكال المختلفة والملامس السطحية؛ ففي الحيوانات نجد جلد الثعبان والتمساح، وفي النباتات نرى الأشجار وأوراق النبات والأزهار وقطاعات الأشجار والثمار… الخ، فهي جميعها منبع ومصدر إلهام للتصميمات الفنية.
وفي الفنون ثنائية الأبعاد يكون الملمس أمر مرتبط بالإدراك البصري ولا ارتباط له بحاسة اللمس وندركه كنتيجة لاختلاف سطح كل منها عن الآخر من ناحية الخصائص البصرية. ويتضح لنا أيضاً أن الملمس في العمل الفني لا ترتبط أهميته المادية بالشكل فقط، بل هو أيضاً وسيلة تعبير عن المضمون ويضيف إلى العمل الفني قيمة معنوية.