عرف رالف ألكسندر الإعلان على أنه: "شكل من أشكال العرض البيعي والترويج للأفكار، والسلع، والخدمات، ذات الطبيعة غير الشخصية، والمدفوعة، والذي يتم عن طريق جهة راعية محددة". ومنه فإن الإعلان المتحرك عملية اتصال غير شخصية، مدفوعة يجب مراعاة التكلفة فيها، وأية تقنية تُستخدم في هذا المجال يجب أن تتوافق مع هذان الشرطان حتى تحقق الفائدة المرجوة منها. ومن أهم العناصر الاتصالية التي يحددها الإعلان:
1 ـ الرسالة الإعلانية المقنعة والصادقة:
أمام الانتشار الواسع لوسائل الاتصال الجماهيري، كان لابد للمعلن أن يبحث عن تقنيات وأساليب لتقديم رسالته الإعلانية، بشكل يجذب انتباه المتلقي، مستفيداً من الحرية الممنوحة في التعامل والاستفادة من مختلف مجالات العلوم والفنون المتاحة، والتي تفيد فكرة إعلانه، لذا كان الأحرى به أن يتعامل مع وبشكل فعال مع تقنية الفيلم المتحرك التي ظهرت وجذبت الانتباه إليها بكونها فناً من الفنون الشاملة التي تجمع بين المرئي والمسموع والمقروء، وهي تتميز بأنها: تعتمد على الخيال والحبكة الفنية، فهي قادرة على السرد من خلال: الوصف، تتابع الأحداث، الاستعارة، المجاز، التلميح، الاختصار في المعنى، إطلاق الصفات الإنسانية، المقارنة، التعبير المبالغ به، بالإضافة إلى استخدام الكتابة. بالتالي هي تقنية قادرة على التعبير عن أكثر الأفكار الإعلانية غرابة وصعوبة.
مثل الفيلم الذي قدم عام 1997 للترويج لكوكا كولا، والذي قدم فيه الفنان عالماً جديداً، عالماً لكوكا كولا، عالماً أشبه بمدينة ألعاب يقام فيها احتفال، أو مهرجان كبير، حيث كل أشكال العناصر مأخوذة من شكل زجاجة الكوكا كولا، ومن كلمة كوكا كولا، ومن شكل الفقاعات الغازية المتصاعدة، تتفاعل كل الشخصيات الموجودة في هذا الفيلم مع بعضها بعضاً، فالشمس بشكلها الذي يشبه غطاء الزجاجة تنظر بإعجاب إلى الزجاجة، والملكة تكرم ضيوفها بتقديم زجاجات الكوكا كولا لهم، ويساعدها الخادم وفتاحة الزجاجات، الملكة أخذت شكلاً إنسانياً لكنه مصنوع من مادة زجاجية، والفتاحة استعارت شكل جسم الإنسان ووجهه الضاحك.
ومن ناحية الشكل، فإن هذه التقنية قادرة على التعامل مع الأساليب الفنية والتقنيات المختلفة، وقادرة على توظيف إمكانيات هذه التقنيات في خدمة فكرة الفيلم الإعلاني، كتقنية الرسم ثنائي البعد D2، ثلاثي البعد D3 ، الكولاج ، الفوتومونتاج، تقنية التصوير السينمائي، وهذا فتح للمصمم آفاقاً ومجالات واسعة للإبداع.
ومع دخول الكمبيوتر مجال التصميم الإعلاني أمكن التعامل مع الفيلم الإعلاني بفاعلية وسهولة أكبر، ووفرت البرمجيات المختلفة سهولة كبيرة في إنتاج الفيلم الإعلاني.
2 ـ الجمهور:
لكل رسالة إعلانية جمهور تتوجه إليه، يجب دراسته ودراسة سبل الوصول إليه بشكل جيد قبل اختيار التقنية التي تقدم عبرها الرسالة. وتُقدَّم تقنية الفيلم الإعلاني بأساليب مختلفة، وعبر وسائل اتصال مختلفة (تلفزيون، سينما، إنترنت، الموبايل..) التي نتيجة التطور التكنولوجي والتقني، سمح لمئات الملايين حول العالم بالاتصال وتبادل السلع والأفكار، فتحول العالم إلى قرية صغيرة، أصبح لابد لأي إنسان على وجه الأرض من التعامل مع هذه التقنيات عاجلاً أم آجلاً، وهكذا تمكن الفنان والمعلن من توجيه الرسالة للجمهور في الوقت المناسب، وبالأسلوب المناسب، عبر الوسيلة التي تستقطب أكبر عدد ممكن من هذا الجمهور المستهدف، دون تكبد عناء السفر والنقل، فالرسالة هي التي تسافر إلى المتلقي لا العكس. بذلك يوفر الزمن اللازم للنقل إلى مكان المتلقي ويصل الفيلم الإعلاني للمتلقي في نفس لحظة بث الرسالة، وكون وسائل الاتصال هذه تحوي على ما يهم ويجذب مختلف شرائح المجتمع من خلال برامج تلفزيونية متخصصة مثلاً أو مواقع متخصصة على شبكة الإنترنت، فإن المعلن يستطيع الوصول إلى الشريحة المستهدفة من المجتمع، من خلال إرفاق إعلانه مع البرنامج المخصص لهذه الشريحة مثلاً أو وضعها على الموقع المخصص لهذه الشريحة أو إرسال رسالة على شكل صورة متحركة على الموبايل لهذه الشريحة.
3 ـ الإقناع
أ- الاتصال الإقناعي:
الاتصال الإقناعي هو عملية تأثير متبادل يقوم فيها المرسل والمستقبل بأدوار متوازنة لتحقيق الهدف في الإقناع، ويقع على المرسل مهمة أن يهيئ المستقبل لقبول الرسالة، عن طريق التأثير على مختلف العمليات الذهنية، كالتعليم، والاستيعاب الذهني، والحفظ، سواء بالوسائل الحسية، أو غير الحسية، وتمر عملية التهيئة هذه بمراحل سيكولوجية تتمثل في جذب الانتباه وإثارة الاهتمام، والتثبيت في الذاكرة.
وتعتمد الرسالة الإعلانية لجذب الانتباه عادة على المنبه، وشدته، وتأثيره على الحواس، ويؤكد علماء النفس أنه كلما زاد عدد الحواس في حالة تلقٍ معينة كلما زاد دعمها وتقويتها في ذهن المتلقي.
في هذه التقنية، المنبه يعمل على مستوى الإحساس السمعي، ومستوى الإحساس البصري، وبشكل مفاجئ غالباً. وتشير الدراسات إلى أن (98% من معرفتنا تكتسب عن طريق حاستي السمع والبصر، وأن استيعاب المرء للمعلومات يزداد بنسبة 35% عند استخدام الصوت والصورة، وإن مدة احتفاظه بهذه المعلومات تزداد بنسبة 55%). لذا فإن اجتماع هاتين الحاستين يلعب دوراً في غاية الأهمية في عملية الإدراك والتعلم، هذا يؤكد على قدرة هذه التقنية على الوصول إلى المتلقي وتنبيهه، وبالتالي جذب انتباهه.
هذا وبالإضافة إلى الإحساس المتلقي بالحركة، وبجمالها الذاتي، بين تحريك الأشياء والإنسان ووضع الكاميرا من اقتراب وابتعاد ودوران وسرعة- التي تمتد بين جمود الصورة الثابتة، وبين الحركة المسرعة إلى أقصى ما تستطيع عين الإنسان أن تتابعه- كل هذا يعطي تأثيرات نفسية مختلفة للمتلقي، فالحركة تخلق العاطفة بإيقاعها وتطورها، تنقل الإنسان إلى عالم مختلف يمكن تغيير أبعاده المكانية والزمانية تبعاً لغايات الفنان الخاصة. وهذا يمكننا من التجول في الزمان والمكان ويعطينا القدرة على الإحساس بالعمق وبالمكان، فيتورط المشاهد ويدخل وسط الحدث ويندمج ويتفاعل مع ما يحدث للشخصية الإعلانية، هذا الإيحاء يدفعه إلى المحاكاة، ومن المعروف أن الإيحاء بالفعل أقوى من الإيحاء بالقول. هذا بالإضافة إلى عنصر المفاجأة الذي يمكن للمصمم أن يستخدمه بفاعلية لإثارة اهتمام المشاهد.
تعتمد هذه التقنية على التلفزيون والكمبيوتر لتقديمها، وبذلك تستخدم الضوء لإيصال الألوان بما فيها من تضاد وانسجام وتباين مما يزيد من شدة المنبه ويزيد الإمتاع البصري، ويحافظ على رونق الألوان خلافاً للتقنيات التي تعتمد الطباعة والتي تمتص من قوة اللون غالباً وتُفقده رونقه وجماله. وبالتالي هذه التقنية تنبه حواس المتلقي بقوة وتنقله خارج حدود حياته اليومية لثوان معدودة إلى عوالم الإثارة والدراما والتشويق فتمهد الطريق له لتقبل الرسالة ثم تثبت في الذاكرة عبر تكرارها وهذا التكرار لا يؤثر على قيمتها الفنية. إن هذه العوامل التي يتميز بها الفيلم الإعلاني غالباً ما تفتقد لها الصورة الثابتة لهذا فإنه أقدر من الصورة الثابتة على الانطباع في ذهن المتلقي.
ب- التسلية:
تتميز وسائل الاتصال بأنها وسائل للتسلية في كثير من الأحيان بما تقدمه من برامج خدمات، كالتلفزيون، والسينما، وحتى الانترنت. ويمكن أن تُقدم الرسالة الإعلانية بأسلوب هزلي باعث على الضحك أو قصص مسلية أو على شكل حزورة أو أغنية أو بشكل غرائبي مدهش.بذلك يكون المصمم قد مهد لعملية الإقناع من خلال التأثير على المراحل السيكولوجية للإقناع، ويبقى أن تقنع فكرة الرسالة ومضمونها المشاهد، وهكذا يكون قد حقق هدف الإعلان الأهم.