السيلفي هو تعبير باللغة الانكليزية، معناه الصورة الملتقطة ذاتياً، وهو عبارة عن صورة شخصية يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه باستخدام هاتف ذكي مُجهزة بكاميرا رقمية، ومن ثم يقوم بنشرها على الشبكات الاجتماعية:فيسبوك، تويتر، انستغرام وغيرها.. وذلك لاعتمادها كصورة رئيسية في ملفه الشخصي أو لتسجيل حضوره في مكان مُعيّن أو إلى جانب أشخاص مُعينين، أو حتى للتعبير عن حالة نفسية مُعينة. وعادة ما تكون هذه الصور عبارة عن صور عفوية تتسم بالبساطة وحلاوة الروح بعيداً عن الرسمية والتصنع أو التكلف. ولقد أخذت ظاهرة صور السيلفي في الانتشار حتى رسخت مكانتها في التاريخ البشري الرقمي خصوصاً بين جمهور الشباب. حيث بتنا نشاهد ملايين صور السيلفي تملأ عالم الفيسبوك والتويتر والانستغرام، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي يومياً. وجميعها عبارة عن جزء من ذراع ممتد، ووجوه تُحدّق في عدسة كاميرا الموبايل أثناء رحلة مع الأصدقاء أو لمّة العائلة، في السيارة، على متن الطائرة، بدون مكياج، مع قطة، في مطعم أو في مكان سياحي.
إن ظاهرة السيلفي في اتساع منقطع النظير حتى قام قاموس اوكسفورد بإدراجها كأكثر كلمة حديثة متداولة في العام 2013.
ولقد لفت هذا الانتشار نظر خبراء الإعلانات والتسويق في العالم لأهميتها في مجال الإعلان الرقمي، وقامت العديد من الشركات العالمية الكبرى بتوظيف ما بات يعرف حاليا بSelfie Marketing، أو التسويق عبر صور السيلفي في استراتيجيات الشركات للإعلان والتسويق والعلاقات العامة.
فالإعلان عبر السيلفي هو توظيف صورة السيلفي كأداة للوصول والتخاطب والتفاعل مع الفئة المستهدفة خلال الحملات الإعلانية والترويجية، حيث يمكن لأي شركة إطلاق حملة إعلانية لمنتجاتها على شكل مسابقة، تدعو من خلالها متابعين حسابها على تويتر أو فيسبوك إلى التقاط صور سيلفي أثناء عطلتهم الصيفية، وباستخدام الهاشتاغ الخاص بالمسابقة يمكنهم مشاركة الشركة تلك الصور ليربحوا إحدى منتجاتها. وفيما يلي أهم أسباب نجاح الحملة الإعلانية عبر السيلفي:
1 ـ جمهور واسع، متعطش ومتفاعل
إن ظاهرة السيلفي أتت لتبقى مع الناس لوقت طويل وطويل جداً، فهي تتمتع بجمهور كبير من جميع الأجناس ومختلف الاهتمامات. وأكثر ما يميزهم أن أغلبهم من جيل الشباب المُطّلع على التكنولوجيا والمتواجد بقوة وفعاّلية على شبكات التواصل الاجتماعي. كل هذه العوامل تجعل من جمهور السيلفي أرضيه خصبة للحملات الإعلانية. ويُعدّ العالم العربي من أكثر المناطق تفاعلاً مع هذا الموضوع، حيث تعتبر دول السعودية والخليج ومصر من أكثر الدول المشاركة لصور السيلفي. وبالإضافة إلى ذلك أصبحت شركات الموبايل تتنافس فيما بينها لتحسين جودة الكاميرا الأمامية، التي يتم من خلالها التقاط صور السيلفي. فشركة نوكيا على سبيل المثال قامت بدعوة عدد من الصحفيين والإعلاميين الى المشاركة في رحلة حول مدينة دبي ليتسنى لهم تجربة الخصائص الجديدة للكاميرا الأمامية للهاتف الجديد الذي أطلقته الشركة. وباستخدام هاشتاغ LumiaSelfie# الذي أطلقته شركة نوكيا في حملتها الإعلانية قام المشاركون في الرحلة بالتقاط ومشاركة صورالسيلفي عبر شبكات التواصل.
2 ـ الاتصال المباشر
أحد أهم ميزات الحملة الإعلانية عبر السيلفي هو التواصل المباشر مع الناس، فالشركة الناجحة هي التي تبني علاقة مباشرة وطويلة الأمد مع العملاء فتحصل على ثقتهم وولائهم لمنتجاتها وخدماتها. فمثلاً عند أخذ أحد الأشخاص لصورة سيلفي مع أحدث هاتف ايفون أو أن يلتقط شخصاً آخر بسيلفي مع أحدث تيشيرت لماركة أديداس، ويتم نشر السيلفي على شبكات التواصل الاجتماعي. فإن هذا السيلفي لن يساهم فقط ببناء علاقة خاصة بين الشركة والعميل وإنما من شأنه الترويج لمنتجات الشركة بين الأصدقاء والمتابعين.
3 ـ أداة إعلانية مسلية، فعالة وأقل تكلفة
ساهمت صورة السيلفي التي التقطتها الممثلة الكوميدية الأميركية ألين دي جينيريس باستخدام هاتف سامسونج مع باقة من مشاهير هوليود أثناء حفل توزيع جوائز الأوسكار، والتي تم مشاركتها أكثر من 3 ملايين مرة على شبكات التواصل الاجتماعي، بتحقيق مبيعات بملايين الدولارات لشركة سامسونج.
وبأسلوب مماثل لسيلفي الأوسكار يمكن لأي شركة تجارية إطلاق حملة إعلانية باستخدام السيلفي، قد لا تعود عليها بملايين الدولارات، لكنها حتماً ستساعدها في الوصول الى فئتها المستهدفة بطريقة ممتعة وفعّالة في نفس الوقت. فليس عليها سوى الإبداع والابتكار وخلق فكرة أو مسابقة مسلّية، تنافسية مبتكرة، تدعو من خلالها جمهورها للتفاعل والمشاركة. فمثلاً يمكن لأحد المولات أن يطلب من زبائنه التقاط صور سيلفي داخل المول أثناء تسوقهم، ومن ثم يتم نشر الصور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمول، ويتم اختيار أجمل سيلفي على أنها الصورة الفائزة ويقوم المول بتقديم كوبون تسوق بقيمة معينة للفائز.
4 ـ أداة إعلانية متعددة التطبيقات
تمنح الحملة الإعلانية عبر السيلفي إمكانيات لا حدود لها. فكلما كانت الشركة مبدعة وذكية في توظيف السيلفي في حملاتها الإعلانية، كلما كان تفاعل الجمهور معها أكثر. فالترويج عبر السيلفي لم يثبت نجاحه في التسويق التجاري فقط بل أثبت فاعليته أيضاً في ترويج الحملات الخيرية أيضاً.
ففي هولندا على سبيل المثال أرادت الحكومة تحفيز الشباب على مشاركة أكبر في الانتخابات فأطلقت هاشتاغ #Stemfie والذي هو عبارة عن دمج لكلمة (Stem) والتي تعني تصويت باللغة الهولندية وكلمة Selfie. وقد طلب منظموا الحملة الترويجية من الشباب التقاط صورة سيلفي عند مكاتب الاقتراع ومشاركتها عبر استخدام هاشتاغ #Stemfie. لاقت هذه الحملة رواجاً كبيراً بين أوساط الشباب مما أدى بالعديد من العواصم الأوربية إلى تقليد هذه الحملة أثناء فترة الانتخابات.
5 ـ تجاوب فوري وقواعد مرنة
من خصائص الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي بصورة عامة والإعلان عبر السيلفي بصورة خاصة أن التجاوب والتفاعل ذو طابع فوري وآني. بعكس الإعلان التلفزيوني مثلاً الذي يتطلب من الشركة الانتظار لأشهر طويلة كي تتمكن من دراسة فاعليته وعوائده. فإن فاعلية أي حملة إعلانية عبر السيلفي يمكن متابعتها وتحليلها لحظة بلحظة. إن هذه الخاصية تُمكّن الشركة أيضاً من تغيير جوانب من الحملة أو تعديلها إذا كان التجاوب معها ليس بالمستوى الذي تتمناه.
6 ـ نتائج قابلة للدراسة والتحليل
مع تطور الإعلام الإجتماعي وصدور تقنيات وبرامج خاصة برصد شبكات التواصل الاجتماعي أصبح من الممكن اليوم قياس وتحليل نتائج أي حملة إعلانية تقوم بها الشركة عبر تلك الشبكات ومن ضمنها حملات الإعلان عبر السيلفي. ومن بين تلك البرامج برنامج Buzz المختص بإدارة ورصد وتحليل الحملات الإعلانية والتسويقية عبر برامج التواصل الاجتماعي، حيث يُمكّن الشركة من رصد الهاشتاغ أو الحساب الخاص بمسابقتها عبر السيلفي، لتتمكن من قياس وتحليل التفاعل مع الحملة الإعلانية ومدى وصولها إلى الفئة المستهدفة. ومن ثم تحديد مدى نجاح الحملة. وبناءاً على هذه التحليلات تستطيع الشركة بناء استراتيجية ناجحة وفعالة لحملاتها الإعلانية المستقبلية.